علمي طفلك فن تقبل الخسارة دون اعتياد الفشل

علمي طفلك فن تقبل الخسارة دون اعتياد الفشل
من الصعب التخفيف من رغبة الطفل شديد التنافس في الفوز (بيكسابي)

كآباء نريد أن يكون أطفالنا فائزين بشكل دائم، ولكن يجب مقاومة الرغبة في التدخل في حل جميع مشاكلهم لحمايتهم من تجربة الخسارة وخيبة الأمل، فإذا كنا نحميهم من النتائج السلبية وهم صغار فلن يكونوا مؤهلين للتعامل مع الخسارة عندما يكونون أكبر سنا.

لماذا يحتاج الأطفال إلى الخسارة في بعض الأحيان؟ يجيب عن هذا السؤال سام وينمان مؤلف  كتاب “اربح في الخسارة.. كيف يمكن أن تؤدي أكبر انتكاساتنا إلى أكبر مكاسبنا” في حوار له مع الصحفية ميا جيجر بصحيفة واشنطن بوست، فيقول “إنها تجربة لا مفر منها، في مرحلة ما من حياتهم سيكون عليهم التعامل مع الخسارة، كلما زادت الخبرة التي يمكنهم الاعتماد عليها كانوا مجهزين بشكل أفضل للتعامل معها”.

ويقول وينمان إنه قد لا يرغب بعض الأطفال في ممارسة لعبة أو رياضة إذا اعتقدوا أنهم لن يفوزوا، وهذا أمر شائع، لذا كلما فهموا أن الخسارة يمكن أن تكون ذات قيمة وأنها غير مدمرة كلما قل الخوف منها، ولكن إذا شاركوا في مباراة تنس معتقدين أن الأمر الإيجابي الوحيد هو الفوز فربما يتراجعون خوفا من الهزيمة”.

‪تجارب الخسارة تشكل خبرات التطفل التراكمية‬  (بيكسلز)

مفهوم النجاح
وللتعامل مع هذه المشكلة يجب على الآباء أن يغيروا مفهوم النجاح لدى أطفالهم، على أن يكون النجاح أن تبذل قصارى جهدك وأن تلتزم بالخطة التي وضعتها حتى لو خسرت، والأمر الثاني عندما تكون هناك خسارة بالفعل يجب أن يرى الأطفال بعض الإيجابية في موقفك كأم، مثل أن تقولي “لقد خسرت، لكنك قمت بكذا وكذا بشكل جيد، ولهذا السبب يجب أن تشعر بالرضا حيال نفسك”.

وتقول الاستشارية الاجتماعية إيلين كينيدي مور في مقال على موقع بيرنتس “في سن الأربع سنوات سيتنافس الأطفال على أي شيء، هم ليسوا متأكدين دائما من تعقيدات الفوز والخسارة، لكنهم يفهمون أن الفوز جيد، لذلك يريدون الفوز في كل شيء”.

وتابعت إيلين “ومع ذلك، قد لا تكون طرق طفلك في الفوز محبوبة لأصدقائه، لا يربط أطفال ما قبل المدرسة دائما العلاقة بين سلوكهم وردود فعل الآخرين، لذلك قد يشعر طفلك بالارتباك عندما يتوقف الأقران عن اللعب معهم، لذا سيكون من السهل على الطفل ممارسة اللعب إذا تعلم التفكير في الفوز من حيث الجهد وليس النتيجة”.

الطفل شديد التنافس
من الصعب التخفيف من رغبة الطفل شديد التنافس في الفوز، وتقول هيلاري ليفي فريدمان دكتورة علم الاجتماع بجامعة هارفارد ومؤلفة كتاب “اللعب من أجل الفوز” إن “القدرة التنافسية في حد ذاتها ليست سمة سلبية، ولكن تعلم كيفية الفوز أو الخسارة بلطف يتطلب ممارسة، لذا فإن التنافس بين الأشقاء أمر بالغ الأهمية لنمو الطفل، وهذه التفاعلات هي صور مصغرة لكيفية اعتياده على منافسة مماثلة في العالم الخارجي”.

وتقول فريدمان “من الجيد أن يكافح الأطفال للحفاظ على موقف إيجابي أثناء الخسارة في لعبتهم المفضلة، ولكن إذا كان طفلك في سن العاشرة على سبيل المثال وما زال ويرفض الخسارة طوال الوقت أو إذا كانت روحه الرياضية الضعيفة تسبب له مشاكل فمن المهم أن نتدخل”.

وهناك العديد من الأشياء التي يمكن القيام بها لمساعدة طفلك على أن يكون خاسرا لطيفا وليس خاسرا منزعجا ومتألما، منها ما تقدمه الاختصاصية الاجتماعية والمعالجة النفسية ايمي مورين في مقال لها بموقع “فري ويل فاميلي”:

مدح جهود طفلك
إذا كنت تشيدين بطفلك فقط لتسجيله أكبر عدد من الأهداف في لعبة كرة القدم أو للحصول على أعلى درجة في اختبار الرياضيات فإن كلماتك ستغذي طبيعته التنافسية، سيتعلم أن الفوز أفضل من أن يكون لطيفا، يجب أن تمدحيه لعمله الشاق وجهده بغض النظر عن النتيجة النهائية بدلا من قول “أنت أسرع عداء في الفريق”، قولي “أحب الطريقة التي شجعت بها زملاءك الآخرين اليوم”، امدحي روحه الرياضية الجيدة وشددي على أهمية معاملته الآخرين باحترام.

قدوة جيدة
كوني قدوة جيدة من خلال تشجيع حسن الأداء وتهنئة الفائز حتى لو لم يكن من فريقك، أظهري لطفلك كيفية معاملة الآخرين بلطف بغض النظر عن النتيجة.

فهم المشاعر
عندما يتمكن الأطفال من التعرف على مشاعر الحزن والغضب وخيبة الأمل والإحباط يقل احتمال تصرفهم بشكل غير ملائم بعد الخسارة، تحدثي مع ابنك عن تطوير إستراتيجيات بديلة للتعامل مع مشاعر الحزن والإحراج الناتجة عن الخسارة، ووضحي له أيضا أن لديه خيارات في كيفية تعامله مع مشاعره غير المريحة.

‪تحدثي مع ابنك عن تطوير إستراتيجيات بديلة للتعامل مع مشاعر الحزن‬ (مواقع التواصل)

مهارات إدارة الغضب
غالبا ما يلقي الخاسرون المنزعجون ما بأيديهم أو يقولون أشياء سيئة لأشخاص آخرين في نوبة غضب، ساعدي طفلك على إدراك أن هذه الأنواع من السلوكيات غير مقبولة، وعلميه أن الشعور بالغضب لا بأس به لكن إيذاء الناس أو الممتلكات ليس مقبولا، استثمري الوقت والطاقة في تعليم طفلك مهارات إدارة الغضب الخاصة التي ستساعده على تحمل الخسارة.

لا تدعي طفلك يفوز
قد يكون من المغري أحيانا تعمد الخسارة من ناحيتك حتى يفوز ابنك، ربما سيساعدك هذا على المدى القصير من تجنب نوبات بكائه أو انهياره الناتج عن الخسارة، لكن على المدى الطويل لن تقدمي لطفلك أي خدمة، السماح لطفلك بالفوز سيعزز فقط قدرته على عدم تحمل الخسارة.

تجاهل المزاج السيئ
إذا بدأ طفلك بالبكاء أو رمى نفسه على الأرض فتجاهليه، إذ يؤدي تجاهل نوبات الغضب المزاجية أحيانا إلى جعلها أسوأ في البداية، ولكن في النهاية سيشعر طفلك بالملل عندما يرى أنه ليس لديه جمهور يهتم بإرضائه، تجنبي مواساته أو التحدث إليه عندما يسيء التصرف، وبمجرد أن يهدأ أعطه اهتماما إيجابيا مرة أخرى.

التدرب على الفوز بلطف
عادة لا يكون الفائزون لطيفين، فعندما يتغلبون على خصمهم يميلون إلى الفرح بصوت عالي والتفاخر بانتصارهم، علمي طفلك كيفية إظهار اللطف للآخرين من خلال مصافحة اليدين وقول “لعبة جيدة” للخصم أو قول “شكرا لك على اللعب معي”، ساعدي طفلك على التركيز على المرح الذي كان يلعبه في اللعبة، وليس على من ربح أو خسر.

 

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية

276 مشاهدة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *