الذكاء الاصطناعي الى أين …!!!

الذكاء الاصطناعي الى أين …!!!

ما هو الذكاء الاصطناعي Artificial Intelligence

الذكاء الاصطناعي أو الـ AI اختصارًا هو مصطلح يشكّل مظلّة للعديد من التقنيات التي تتيح للآلات أن تحاكي الذكاء البشري.

عندما يفكّر البشر فهم يشعرون ويحسّون بما يحدث من حولهم، إنّهم يدركون ما تعنيه هذه الظروف المحيطة بهم ويتخذون قرارًا بناءً على ذلك ومن ثمّ يتصرّفون بناءً عليه.

كذلك الحال بالنسبة للأجهزة الذكية أو المزوّدة بتقنيات الذكاء الاصطناعي، فهي إن صحّ القول في المراحل الأولى لتطبيق هذه السلوكيات البشرية ذاتها.

أصبح الذكاء الاصطناعي أو الـ AI اختصارًا يشكّل جزءًا مهمًّا للغاية في الكثير من نواحي الحياة. بدءًا من التوصيات المخصصة للمستخدمين حول الموسيقى والمحتوى الإلكتروني، ووصولاً إلى الكاميرات الذكية والسيارات ذاتية التحكّم. لكن… ما الذي يعنيه الذكاء الاصطناعي بالضبط؟ وما هي آلية عمله ومجالاته وأنواعه؟

إنّه مجال معقّد ولا شكّ أنّ الكثير من الأسئلة تدور في رأسك حوله، لكن لا تقلق، فالإجاباتُ عندنا، وفي مقال اليوم سنتحدّث عن كلّ ما يتعلّق بالذكاء الاصطناعي وأهميته ومجالاته.

ما هو الفرق بين الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي Machine Learning؟

ببساطة فإنّ التعلّم الآلي يشكّل جزءًا فرعيًا من منظومة الذكاء الاصطناعي، ويعبّر عن قدرة الآلة على التفكير دون أن تكون مبرمجة خارجيًا. كيف ذلك؟

حسنًا، إن الآلات التقليدية مبرمجة في العادة من خلال عدد من القواعد حول كيفية التصرّف أو العمل ضمن سياقٍ محدّد، وذلك من خلال مجموعة من تعليمات الـ if-then-else. لكن تقنية التعلّم الآلي أو الـ Machine Learning، تتيح للأجهزة الاستمرار في التفكير والتطور اعتمادًا على البيانات التي تتلقاها في الظروف والسياقات المختلفة.

تاريخ الذكاء الاصطناعي

لقد مرّ الذكاء الاصطناعي بمراحل عديدة منذ بداياته وحتى يومنا هذا، لذا فمن المهمّ أن يكون لديك فكرة عامة حول مراحل تطور الذكاء الاصطناعي عبر السنوات. وفيما يلي تلخيص لأهمّ هذه الأحداث:

  • يعود تاريخ المرّة الأولى التي ذُكرت فيها كلمة “robot” إلى عام 1921 حينما استخدمها الكاتب التشيكي كارل تشابيك في مسرحيته “روبوتات روسوم العالمية”. حيث تمّ اشتقاق الكلمة من “robota” والتي تعني العمل.
    • كان آلان تورنغ Alan Turing واحدًا من أهمّ المؤثرين في تطوّر الذكاء الاصطناعي، حيث نشر مقالاً عام 1951 بعنوان “آلات الحوسبة والذكاء” “Computing Machinery and Intelligence” والذي اقترح فيه لعبة المحاكاة التي أصبحت فيما بعدُ تُعرف باسم اختبار تورنغ.
    • كانت ولادة الذكاء الاصطناعي بصفته علمًا حقيقيًا سنة 1956 خلال ورشة عمل صيفية حملت اسم “مشروع دارتموث البحثي حول الذكاء الاصطناعي”، والتي قام فيها جون مكارثي John McCarthy، مخترع لغة البرمجة LISP باستخدام مصطلح “Artificial Intelligence” للمرة الأولى. كان الهدف الرئيسي من هذه الورشة البحث عن وسائل تمكّن الآلة من محاكاة جوانب الذكاء البشري.
    • كان الإنجاز الكبير سنة 2016 حينما طوّرت شركة جوجل برمجية ذكاء اصطناعي تحمل اسم AlphaGo والتي تمكّنت من هزيمة بطل العالم في لعبة Go اللوحية المعقّدة. كان هذا الإنجاز خطوة كبيرة حقًا في مجال تعلم الآلة لأنّ برنامج AlphaGo تعلّم قوانين اللعبة وتمكّن من اللعب على مستوى خبير من تلقاء نفسه دون أيّ برمجة سابقة.
    • استمرّ تطوّر مجالات الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته في السنوات اللاحقة أيضًا، وتشعّبت تطبيقاته في الحياة العملية، فرأينا الآلي الذكي “صوفيا” القادرة على بناء علاقات شبه حقيقية مع البشر، واستخدمت تقنيات الذكاء الاصطناعي في الهواتف المحمولة من خلال تطبيقات المساعدة مثل Google Assistant أو Siri وغيرها الكثير من الجوانب الأخرى التي سنتطرّق للحديث عنها لاحقًا في المقال.
    • لا يسعُنا اليوم القول بأنّ هنالك وجودًا حقيقيًا لما يعرف بالذكاء الاصطناعي الخارق أو Super AI بالإنجليزية. لكن ممّا لا شكّ فيه أنّ هذا العلم في تطوّر مستمرّ، وسيشهدُ المزيد من التطوّر والتقدّم مستقبلاً.
    • خلال ستينات وسبعينات القرن الماضي بدأ الباحثون في مجال الذكاء الاصطناعي باستخدام الحواسيب للتعرّف على الصور، ترجمة اللغات وفهم الإرشادات والتعليمات باللغة البشرية. وبدأت مجالات الذكاء الاصطناعي الفرعية بالظهور في مختلف نواحي الحياة.

      انواع الذكاء الاصطناعي

      ينقسم الذكاء الاصطناعي في يومنا هذا إلى أربعة أنواع أساسية، تشبه إلى حدّ كبير هرم ماسلو للاحتياجات الأساسية، حيث أنّ أبسط أنواع الذكاء الاصطناعي تستطيع القيام بالوظائف الأساسية فقط، في حين أنّ الأنواع الأكثر تقدّمًا هي بمثابة كيان واعٍ تمامًا بذاته وبما يدور من حوله، ويشبه إلى حدّ كبير الوعي البشري.

      هذه الأنواع الأربعة هي كما يلي:

        • الآلات التفاعلية Reactive Machines.
        • الذاكرة المحدودة Limited Memory.
        • نظرية العقل Theory of Mind.
        • الوعي الذاتي Self Aware.

       

      لنلقِ نظرة عن كثب حول هذه الأنواع الأربعة وما يعنيه كلّ منها:

      1- الآلات التفاعلية Reactive Machines

      تقوم الآلات التفاعلية بتنفيذ مهام أساسية فقط، ويعدّ هذا النوع من الذكاء الاصطناعي أبسط الأنواع على الإطلاق. تستجيب الآلات التي تستخدم هذا النوع لبعض المدخلات ببعض المخرجات ولا تتضمّن آلية عملها أيّ عملية تعلّم ذاتي.

      يمكننا القول أنّها أوّل مراحل الذكاء الاصطناعي، ومن الأمثلة عليها الأجهزة البسيطة التي تتعرّف على الوجه مثلاً. أو جهاز DeepBlue وهو حاسوب تمكّن من هزيمة بطل العالم في لعبة الشطرنج.

      2- الذاكرة المحدودة Limited Memory

      وفي هذا النوع، يصبح لدى الذكاء الاصطناعي القدرة على تخزين البيانات، أو التوقّعات السابقة واستخدامها في في القيام بتنبؤات أفضل مستقبلاً. ومع الذاكرة المحدودة، تصبح هندسة وبناء تقنيات التعلّم الآلي (Machine Learning) أكثر تعقيدًا.

      من الأمثلة على الآلات التي تستخدم هذا النوع من الذكاء الاصطناعي، نجد السيارات ذاتية القيادة، والتي تخزّن مختلف البيانات المتعلّقة بحالة الطرق والسيارات الأخرى في الطريق وغيرها من العوامل، وتتخذُ بناءً على هذه البيانات قرارات بشأن الطريق الذي ستسلكه أو ردّة الفعل المعيّنة التي ستقوم بها.

      من الجدير بالقول أنّ معظم الأجهزة الموجودة في يومنا هذا والمعتمدة على الذكاء الاصطناعي تستخدم الذاكرة المحدودة، بما فيها تطبيقات المساعدة الشخصية مثل Google Assistance وبرامج التعرّف على الصوت والصورة، وروبوتات المحادثة على المواقع الإلكترونية (chatbots) وغيرها.

      3- نظرية العقل Theory of Mind

      في الوقت الذي تتواجد فيه الكثير من الآلات التي تستخدم أنواع الذكاء الاصطناعي السابقة، فإنّ هذا النوع لا يزال سوى فكرة نظرية، أو مشروعٍ لا يزال العمل جاريًا على تطويره.

      يمكننا القول أنّ نظرية العقل هي المرحلة المقبلة من أنظمة الذكاء الاصطناعي التي يعمل العلماء حاليًا على ابتكارها وتطويرها. وفي هذا النوع ستتمكّن الآلة (بفضل تقنية الذكاء الاصطناعي) من فهم الكيانات التي تتفاعل معها، ومعرفة احتياجاتها ومشاعرها ومبادئها، بل وحتى عملية التفكير التي تقوم بها.

      وحتى تفهم الفرق بين هذا النوع وسابقه، لنتخيّل أنّك تقود سيارتك ذاهبًا إلى اجتماع مهمّ ولكن الازدحام المروري كان خانقًا ممّا جعلك تفقد أعصابك.

      قد تصيحُ غاضبًا طالبًا من Google Maps البحث عن طريق مختصر، لكن هذا التطبيق لن يقدّم لك أيّ دعم معنوي، كأن يقول لك: “هذا أسرع طريق يمكننا الذهاب منه، هل تريد مني الاتصال بأحدهم للاعتذار أو تأجيل الاجتماع لبعض الوقت؟”

      سيستمرّ Google Maps في إظهار نفس النتائج اعتمادًا على تقارير وبيانات الطرق التي يمتلكها.

      لكن وباستخدام تقنية نظرية العقل، سيكون هذا التطبيق مرافقًا أفضل لك، سيفهم مشاعرك، أفكارك ويساعدك على الشعور بحال أفضل، وهو ما يتم تطويره والعمل عليه الآن ضمن مجال الذكاء العاطفي الاصطناعي أو الـ Artificial Emotional Intelligence.

      4- الوعي الذاتي Self Aware

      أخيرًا، وفي مستقبل بعيد مجهول قد يتمكّن البشر أخيرًا من تطوير ذكاء اصطناعي واعٍ بذاته. وهو ذاته الكيان الذي نراه في أفلام الخيال العلمي. هذا النوع من الذكاء الاصطناعي قد يوقد الكثير من الآمال، لكنّه أيضًا يثير الكثير من المخاوف. ففكرةُ وجود آلي واعٍ بنفسه وله ذكاءٌ خاصّ ومستقلّ أمرٌ مثير للقلق، لأنّ ذلك يعني أنّ على البشر حينها التفاوض مع الآلة التي صنعوها بأيديهم، ونتيجة هذه المفاوضات تفسح المجال للكثير من الافتراضات والتوقّعات والتخيّلات.

ويواصل العلماء تسخير الذكاء الاصطناعي في الفنون الإبداعية، سواء بإنتاج التصاميم أو كتابة الأفلام. وأعلنت شركة ميتا وضع نظام يمكنه التحدث بـ200 لغة، وهو دليل تقدم لغوي للذكاء الاصطناعي، وأمل للغات محدودة الانتشار في آسيا وأفريقيا. وشهد الصيف الماضي ضجة عالمية ونقاشاً في إمكانية اكتساب الروبوت للوعي والمشاعر .

استخدام الذكاء الاصطناعي من أجل البشرية

في مقال نشر حديثاً ، أبرز براد سميث الرئيس والمدير القانوني في شركة مايكروسوفت، أن العالم كان وما يزال يعاني من أزمات إنسانية مستمرة ناجمة عن الكوارث الطبيعية والكوارث التي يتسبب بها الإنسان ، وبينما تسعى تلك المنظمات الإغاثية للتعامل مع هذه الكوارث والأحداث ، لا يزال عملها في كثير من الأحيان لا يعدو أن يكون ردّة فعل ، ومن الصعب توسيع نطاقه.

ووفقاً لسميث ، فإن الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات، بالإضافة الى الخبرة المتمثلة في العلوم البيئية والمساعدات الإنسانية، ستساعد على إنقاذ المزيد من الأرواح وتخفيف المعاناة وذلك عن طريق تحسين الطرق التي تتنبأ بحدوث وتعزيز وسائل للتعامل مع الكوارث قبل أو بعد وقوعها .

لذلك اطلقت مايكروسوفت برنامج “الذكاء الاصطناعى من أجل الأرض” AI for Earth ، والذي يهدف الى حماية كوكبنا من خلال استخدام علم البيانات ، وتبلغ مدة البرنامج خمس سنوات و تكلفته 50 مليون دولاراً ، حيث يقوم البرنامج  بنشر خبرة مايكروسوفت التي تصل إلى 35 عاماً في مجال البحث والتكنولوجيا في تقنيات الذكاء الاصطناعى في القطاعات الأربعة الرئيسية : الزراعة والمياه والتنوع البيولوجي وتغير المناخ.

يقول لوكاس جوبا الذي يرأس برنامج الذكاء الاصطناعى من أجل الأرض في مايكروسوفت “نعتقد أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون مغيراً لقواعد اللعبة في مواجهة التحديات المجتمعية الملحّة وخلق مستقبل أفضل, وتعتبر القارة الافريقية افضل مكان يمكن من خلاله لمس التغييرات الجذرية للذكاء الاصطناعي ، حيث يمكن أن يؤدي التبني المبكر لأدوات الذكاء الاصطناعي في مجالات مثل الزراعة والحفاظ على الموارد إلى تحقيق فوائد بيئية و اقتصادية ، وذلك انطلاقاً من اتاحة القدرة على إدارة الموارد الطبيعية بشكل أفضل ووصولاً إلى رفع مستوى القوى العاملة”.

 

اعداد الكاتبة اية حسن

المصادر: qualcomm، bmc، scoro، edureka، analyticssteps، forbes

232 مشاهدة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *