اسرار تربوية

اسرار تربوية

يعتقد بعض الآباء أن التربية مجرد توجيه، وتدريب، وإعداد الأبناء للحياة المستقبلية. ولكن التربية في الحقيقة أكبر من ذلك بكثير، فهي تخفي في طياتها العديد من الأسرار والخفايا التي يحتفظ بها الأبناء محاولين استغلالها في التعامل مع الآباء، وقد يستعملها هؤلاء الأبناء، بوعي أو دون وعي. وما أقصده هنا هي تلك العوامل المركبة والمتداخلة التأثير في خلق الأبناء ورسم ملامح شخصيتهم الدائمة، والتي تبدأ في العادة بعامل الوراثة، والبيئة المحيطة بهم وهو أجنة في أرحام أمهاتهم، وتمتد إلى الترتيب الولادي، ومنه إلى ما تصبغه البيئة الأسرية عليهم وما تغذيه فيهم من عادات وسلوكيات. من المهم جداً في بداية هذا الموضوع التركيز على التركيبة الجينية أو ما يعرف بالقاعدة الوراثية والاستعداد الجيني الذي يولد به الأبناء.

وبعد وصف الوضع العام للأبناء واهتماماتهم والبيئة المحيطة بهم وطريقة التأثير عليهم، توصّل المختصّون إلى خمس نقاط أساسية هي من أفضل الطرق لتربية أطفال ناجحة لها تأثير على معظم الأطفال، وهي كالتالي:

1- تباع طريقة متوازنة في التربية. أغلب الطرق في التربية تعتمد على أن الأوامر والأسلوب الديكتاتوري والتعامل مع الأطفال بأسلوب عنيف هي الحلّ المثالي للتربية والطاعة. لكن للأسف فإن هذه الطرق هي طرق تخويف وتسلّط تؤثر على الطفل وعلى شخصيته وعلى ثقته بوالديه بالدرجة الأولى وعلى ثقته بنفسه كذلك، بل تتحوّل إلى طريقة خاصة بالطفل في التعامل مع الآخرين، ولا يجعل الطفل يحترم القوانين والأنظمة لأنها بالنسبة له غير عادلة، ممّا يتسبّب ذلك في إحراج الأهل بعدم التزام أبنائهم بالقوانين التي وضعوها. لكن الطريقة الصحيحة في التعامل هي الطريقة المتوازنة التي تشمل اللين والحزم بنفس الوقت، حتى يتعلّم الطفل من هذه القوانين ويعمل بها من خلال وضع جدول التصرّفات الممنوعة بين الوالدين والأبناء، وأن يكون الأبناء جزءًا من وضع القوانين وطرق عقابها مع ذكر الأسباب التي تجعل تلك التصرّفات ممنوعة. كل ذلك سوف يُشعِر الطفل بالمسؤولية تجاه التصرّف الذي يقوم به سواء كان إيجابيًا أم سلبيًا.

2- انتباه الوالدين لكلامهم ولتصرّفاتهم. قد لا ينتبه الوالدان لمعظم التصرّفات التي يقومون بها لأنهم يعتقدون أن الأبناء منشغلون بالألعاب والدراسة، ولا يهتمّون لما يقوله الوالدان. إلا أن الطفل ذكي جدًا ويستطيع أن يشغل تفكيره بأكثر من شيء يدور حوله، حيث قد يلعب وبنفس الوقت يستمع لنقاش والديه ليتعلّم كلماته الجديدة سواء كانت صحيحة أم خاطئة. فتصرّفات والديه ما هي إلا مرآة يتعلّم منها كل جديد منذ الطفولة وحتى يكبر. لذلك على الأهل تحديد نوع النقاش ومكانه، وإن حصل واشتدّ النقاش، فمن الأفضل تغيير المكان حتى لا تنتقل الكلمات إلى الأبناء وتتحوّل إلى أفعال لاحقًا.

3- علاقة الوالدين بعضهم ببعض. بالنسبة للطفل فإن والديه هم قدوته، وعلاقة والديه بعضهم ببعض هي الدافع الرئيسي للشعور بالأمان، فهم قدوته ومصدر ثقته الأول. لذلك على الأهل أن يحافظوا على علاقتهم مع بعض أمام الأبناء، ويجب أن تكون تلك العلاقة مبنية على الحبّ والاحترام المتبادل في كل الأوقات. كذلك عليهم التعامل مع المشاكل التي بينهم مع مرور الوقت وحلّها بعيدًا عن الأبناء، كما وعليهم تجنّب تبادل الإهانات والكلمات التي لا تليق، كي لا يشعر الطفل بالقلق من نحو علاقة والديه، وبالتالي يفقد شعور الأمان في البيت، وكذلك يفقد كل الاحترام لوالده، ومع الوقت يشعر بالكراهية تجاهه بسبب مشاعره تلك.

4- احترام الطفل ومشاعره أمام غيره. ليس فقط أمام الآخرين بل في البيت ووحده كذلك. فالطفل يعتبر مشاعره من أهم الأمور التي يريد من الجميع مراعاتها واحترامها، حتى لو أخطأ الطفل في تصرّف ما فإنه يرغب أن يتمّ التعامل مع ذلك الخطأ بكل احترام ليتعلّم منه دون أن يؤثر ذلك على شخصيته. وبالمقابل على الوالدين أن لا يذكروا هذه الأخطاء التي قام بها الطفل أمام الجميع، ولا ينتقدوا التصرّف الذي قام به الطفل، لأن ذلك يسبّب له الإحراج ويُضعف شخصيته. لكن في حال تصرّف الطفل الخاطىء، فعلى الأهل أخذ الطفل إلى مكان بعيد عن الآخرين والتحدّث معه عن التصرّف الذي قام به وتوضيح الخطأ فيه وأنهم عندما يعودون للمنزل سيتحدّثون أكثر وسينفّذون العقاب على ذلك التصرّف. هذه الطريقة تجعل الطفل لا يشعر بالإهانة، وتجعله يفكّر في الخطأ الذي قام به، والأهم من كلّ هذا أنه لن يشعر بأن ثقته بنفسه قد اهتّزت بسبب الموقف، وذلك لأن والديه أحسنوا التصرّف.

5- تقدير الطفل على الأعمال الجيّدة. إن التقدير والمكافأة والتعزيز على الأعمال الجيّدة تعتبر من الحوافز الجيّدة التي تجعل الطفل يتصرّف بكل حذر حتى لا يخطئ، وكي يحصل على المكافأة التي يرجوها من العمل. سواء كان ذلك التعزيز على نجاح مدرسي أو على سلوك الطفل في الأسرة أو في الصف أو أي تصرّف إيجابي قام به الطفل استحق عليه المكافأة. على الأهل الانتباه جيدًا لتصرّفات الأبناء، وعدم إهمال الجيّد منها والتركيز فقط على السلبي والعقاب فالطفل يبقى منتظرًا المكافأة كلما عمل ما يعلم أنه يرضي والديه أو معلميه أو أي شخص مسؤول عن المكافأة التي يطمح في الحصول عليها.

معلومة مهمة جدا : حاجة الطفل للعناق

كشف الباحثون من قسم علم النفس بجامعة ويسكونسن ماديسون بالولايات المتحدة، في دراسة أجريت عام 2012، أن هؤلاء الأطفال إذا تلقوا 20 دقيقة من التحفيز من خلال التلامس يوميا لمدة 10 أسابيع، فإنهم يحصلون على مستويات أعلى في التقييمات الخاصة بالنمو.

ووجدوا أيضا أنه ليست كل أنواع اللمس مفيدة، بل فقط لمسة الحنان والرعاية مثل العناق اللطيف هي التي يمكن أن توفر نوعا من التحفيز الإيجابي الذي يحتاجه الدماغ لينمو بشكل صحي.

كم عناقا يحتاج الطفل؟
يحتاج الطفل لأكبر عدد ممكن من العناق اليومي، ووفقا للمؤلفة والطبيبة النفسية فيرجينيا ساتير “نحن بحاجة إلى أربعة عناقات في اليوم من أجل البقاء، وإلى ثمانية يوميا من أجل إصلاح ما تم إفساده، وإلى 12 عناقا يوميا كي ننمو”.

وتقول الكاتبة جوستينا جوه على موقع مايند تشامب إن الأطفال ينمون كل يوم، لذا يجب أن تعانقهم 12 مرة على الأقل في اليوم. هناك العديد من الطرق التي يمكن من خلالها إضافة هذه اللحظات الجميلة إلى روتينك اليومي.

العناق هو كل ما تحتاجه لتحفيز نمو طفلك من خلال التفاعلات البيوكيميائية والفسيولوجية في الجسم لتعزيز الصحة وتهدئة الجهاز العصبي وتحفيز المشاعر الإيجابية.

تقول هولي هومر صاحبة مدونة “كيدز أكتفيتي” إن لديها هدفا يوميا يتمثل في عناق كل طفل من أبنائها الثلاثة 17 مرة، لا يوجد سبب بحثي وراء هذا الرقم، ولكنه أصبح جزءا من تقاليد العائلة. إنه أول شيء يتم في الصباح وآخر شيء قبل النوم، حتى أصبح الأطفال يشعرون بعدم الإنصاف إذا تلقوا 16 عناقا فقط بدلا من 17.

وتقول إن الأولاد عندما كانوا صغارا، كان الوصول إلى هذا الهدف سهلا للغاية، ولكن مع تقدمهم في السن، أصبح الأمر أكثر صعوبة. أحيانا يقاومون العناق ولكنهم يعرفون أنني سأطاردهم داخل المنزل، وهذا يجعلنا نضحك بشكل هستيري حتى ننتهي. تقول هومر “حتى العناق الفاتر أفضل من عدم العناق”.

وفقا لموقع “بيرنتينغ فور برين”، فإنه يمكن لعناق مدته 20 ثانية أن يساعد طفلك على النمو بشكل أكثر ذكاء وصحة وسعادة وأكثر مرونة وقربا من الوالدين. يحتاج الطفل الصغير إلى الكثير من التحفيز الحسي المختلف للنمو الطبيعي، ويعد التلامس الجسدي -مثل العناق- من أهم المحفزات اللازمة لنمو دماغ سليم وجسم قوي.

كما تظهر الدراسات أن التعرض المفرط لهرمون الإجهاد يمكن أن يضر بالجهاز المناعي للطفل، كما يؤثر الإجهاد المفرط على الذاكرة وقدرات التفكير اللفظي في وقت لاحق من الحياة، ويمكن أن يؤدي أيضا إلى الاكتئاب في الكبر.

أما العناق فيطلق هرمون الأوكسيتوسين لخفض مستوى هرمون الإجهاد ومنع الآثار الضار .

اعداد الكاتبة ايه حسن

224 مشاهدة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *