قصص أطفال الغفلة
يحكى أنه في قديم الزمان كان هنالك قريةٌ فقيرةٌ متواضعةُ الحال , وكان هناك رجلٌ طيبُ القلبِ
يَعملُ في مهنةِ الصَّيْدِ , وكانَ لهُ ابنةٌ واحدةٌ مِـنْ زوجته الغاليةِعلى قلبه .
كبرت الفتاةُ واصبحتْ شابـة وكانت أن طلبتْ من والدها ان يسمح لهـا بـأنْ تكمل دراستها في المدينة الكبيرة , ومن شدة حب والدها لها كان لا يرفضْ لها طلبا .
وكان هدفه ان يُـوَفِّـرَ لهـا السعادةَ التامةَ , خُوصـاً بعد ان فقدت أمها في عُمْرٍ مُبكِر
انتقَلَـتِ الفتاةُ الى المدينةِ لمُتأبَعَـة دراستها الجامعيةِ وقـد فـوجِئـتْ بأن تكاليف الجامعة كانت مرتفعة جدا ولا تتناسب مع دخل والدها المحدود , وَلم يتوقف الامر عند ذلك الحـدِّ فحسب , بل ان متطلبات الفتاة
من الملبس والمأكل والسكن وجدتها مكلفة وأصبحت ترتفع تدريجيا .
أصيبتْ الفتاة بخـضَّة أي ارتباك وأخَـذتْ تقارن نفسَها بفتياتِ المدينةِ فَـتشعر بالنقص تِجاههنَّ بداخلها ، لانها تعتبر نفسها ابنة القرية وابنة الصياد الفقيرِ الحال .
ومَعَ ذلكَ مـا عادتْ تتوقفُ عنِ الطلبات الكثيرة والباهظـة الثمن , وَلَمَّـا لم يحتمل والدها تلك المصاريف الكثيرة التي تثقلُ كاهِلَهُ , قرَّرَ مغادرة القريةِ بَحثَـاً عـن عمل ٍ والسفرَ الى مدينة اخرى بعيدة من اجل الحصول على راتب أفضل لتوفير المستلزمات الضرورية لتأمينِ حياة كريمة .
وفي تلك المدينة التي انتقل إليهـا وجد عملا يَقُـوم عـلى تحميل البضائع في السفن , كان هذا العمل مرهقاً
جدا ، وكان يرسل كل ما يحصل عليه من مال إلى ابنته الوحيدة ولا يترك لنفسه شيئا منه .
, و لم يُطاوِعُهَـا قلبُهَـا أن تشكره على ما كان يبذل من مجهود لكنَّ ابنتَهُ لم تشعر بتضحية والدها الكبيرة
فوق طاقته لأجلها , فقد سيطرت الانانيةُ على قلبِها واعمى الطَّمَعُ بصيرتَها .
ومع مرور السنوات والأيـام و مـع تقلبات الفصول ، مرض الاب من شدة التعب حيثُ لم يعد جسده النحيل قادرا على الاستمرار في العمل , وبرغم كـلِّ ذلك لم تشعر الفتاةُ بتعبِ والدِها ولم تكترث لـهٌ ,
كما أنهـا لم تتوقف عن طلب المزيدِ مِـنَ النقود لسد متطلباتها التي كانت بالفعل غير الضرورية
وفي يوم من الايام ، وصلتْ رسالة الى الفتاة من والدها يَـذْكُـرُ فيهَـا :
الى ابنتي الحبيبة ، عملت بجد كبير وَبِجُهْدٍ أكبر من اجل اسعادك ، ولكنك لم تكوني سعيدة ، وَكُنْـتُ أحاولُ جاهِـدَاً ان اخبرك ان الحب والقناعة اغلى ما يملكه الانسان ، بل هو كنز الانسان الحقيقي الذي به قد يملك كل ما يريد من السعادة ولكنك لم تُصْغِ لي ولم تنصتي لكلامي .
احبك حبا جما لا توصفه كلمات أو تعبّر عنه حروف ، وليتني كنت استطيع البقاء معك أكثر وكم كنت
اتمنى ان تكوني بجانبي فقد حاولت إسعادك بقدر ما أستطيع ,
ولكن يبدو لي أنَّ الموت أصبحَ يَقْتَـرِبُ مِنِّي كثيراً كثيرَاً
أحبك غاليتي الصغيرة , و أستودعك اللهَ الَّـذي لا تَضيعُ وَدائِعُــهُ .
نـزل هـذا الكلام على الفتاة كالصَّاعِقَةِ ، وَلم تعد قادرة على الكلام ، وصرخت بأعـلى صوتها حزنا وبكـتْ بكاءً مُـرّاً ، ولكن بعد فوات الاوان ، ومن لحظتها أدركتْ وتعلمت أنَّ القناعةً كنزُ لا يقدر بالمالِ ولا بالمظاهرِ الخادعةِ
وأنَّ الحُبَّ هو الذي لا يَموتُ ولا يُشْتَرَى ، وأنَّ الانسان عليه ان يتشبه بأصحاب القناعة الذين يرضون
بما قسمه اللهُ لهم وأن لآ يتكلون إلاَّ على اللهِ وَحْدَهُ دائما فـهْوَ الذي يقدر للعباد كل شيء .
#قصص أطفال
#الكاتبة ايه حسن